قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) قد سبق تفسير" ذرني" (١). والعائد على الاسم الموصول محذوف ، تقديره : ومن خلقته.
[و"(وَحِيداً)"](٢) حال من المخلوق ، على معنى : خلقته وهو وحيد فريد لا مال له ولا ولد. وهذا قول مجاهد (٣).
وقيل : إن"(وَحِيداً)" حال من الله تعالى ، ثم فيه وجهان :
أحدهما : أنه حال من الضمير المنصوب في"(ذَرْنِي)" ، على معنى : ذرني وحدي ، فأنا أكفيك أمره وأنتقم لك منه ، وأجزيك عن كل منتقم منه.
[قال](٤) مقاتل (٥) : خلّ بيني وبينه فأنا أكفيك هلاكه.
الثاني : أنه حال من الضمير المرفوع في" خلقت" ، أي : ذرني ومن خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد (٦).
قال ابن عباس : جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رقّ له ، فبلغ ذلك أبا جهل ، فأتاه فقال له : يا عم ، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ، فإنك أتيت محمدا تتعرّض لما قبله ، فقال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا ، قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له ، قال : وما ذا أقول ،
__________________
(١) في سورة القلم ، عند الآية رقم : ٤٤.
(٢) في الأصل : وحيدا. والتصويب من ب.
(٣) أخرجه الطبري (٢٩ / ١٥٢) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٣٨٢). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٣٢٩) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في الأصل : وقال. والمثبت من ب.
(٥) تفسير مقاتل (٣ / ٤١٦).
(٦) انظر : التبيان (٢ / ٢٧٣) ، والدر المصون (٦ / ٤١٥).