فو الله ما [فيكم](١) رجل أعلم بالأشعار مني ، والله ما يشبهها الذي يقول ، والله إن لقوله حلاوة ، وإن عليه طلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلوا وما يعلى. قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه ، قال : [فدعني](٢) حتى أفكر فيه ، فقال : إن هذا إلا سحر يؤثر ، يأثره عن غيره ، فنزلت هذه الآيات (٣).
قال مجاهد : قال الوليد لقريش : إن لي إليكم حاجة ، فاجتمعوا في دار الندوة ، فقال : إنكم ذوو أحساب وأحلام ، وإن العرب يأتونكم وينطلقون من عندكم على أمر مختلف ، فأجمعوا على شيء واحد ، ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا : نقول : إنه شاعر ، فعبس عندها وقال : قد سمعنا الشعر وما يشبه قوله الشعر ، فقالوا : نقول : إنه كاهن ، فقال : إذا يأتونه فلا يجدونه يحدّث ما تحدث [به](٤) الكهنة ، قالوا : نقول : إنه مجنون ، قال : إذا يأتونه فلا يجدونه مجنونا ، قالوا : نقول : إنه ساحر ، قال : وما الساحر؟ قالوا : بشر يحبّبون بين المتباغضين ، ويبغّضون بين المتحابين ، قال : فهو ساحر ، فخرجوا لا يلقى أحد النبي صلىاللهعليهوسلم إلا قال : يا ساحر ، فاشتدّ ذلك [عليه](٥) ، فأنزل الله عزوجل هذه الآيات (٦).
__________________
(١) في الأصل : منكم. والمثبت من ب.
(٢) في الأصل : دعني. والمثبت من ب.
(٣) أخرجه الحاكم (٢ / ٥٥٠ ح ٣٨٧٢) وقال : حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه ، والبيهقي في الشعب (١ / ١٥٦ ـ ١٥٨ ح ١٣٤). وانظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٤٦٨). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٣٣٠) وعزاه للحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل.
(٤) زيادة من ب.
(٥) زيادة من ب.
(٦) الوسيط (٤ / ٣٨٣) ، وأسباب النزول للواحدي (ص : ٤٦٨) ، وزاد المسير (٨ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤).