ثم ذكر ما يقال لهم في الآخرة ، فقال :
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٤٠)
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي : انطلقوا إلى العذاب الذي كنتم تكذبون به في الدنيا.
ثم كرر فقال : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) وقرأت ليعقوب من رواية رويس عنه : " انطلقوا إلى ظل" بفتح اللام (١) ؛ إخبارا عن امتثالهم ما أمروا به من الانطلاق ، وهي قراءة أبيّ بن كعب وأبي عمران.
قال ابن قتيبة وغيره (٢) : الظّلّ هاهنا : ظل من دخان نار جهنم ، سطع ثم افترق ثلاث فرق ، وهكذا شأن الدخان العظيم تراه [يتفرّق](٣) ذوائب إذا ارتفع ، فيقال لهم : كونوا فيه إلى أن يفرغ من الحساب ، كما يكون أولياء الله في ظل عرشه.
قال مجاهد : تكون شعبة فوق الإنسان ، وشعبة عن يمينه ، وشعبة عن شماله ،
__________________
(١) النشر (٢ / ٣٩٧) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٤٣٠).
(٢) تأويل مشكل القرآن (ص : ٣١٩).
(٣) في الأصل : يفترق. والمثبت من ب.