ثم بيّن الشيء الذي خلقه منه بقوله : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) قال ابن السائب : قدّر أعضاءه ، رأسه وعينيه ويديه ورجليه (١).
وقال مقاتل (٢) : قدّره أطوارا ، نطفة ، ثم علقة ، إلى آخر خلقه.
وقال الزجاج (٣) : قدّره على الاستواء.
(ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) انتصب" السبيل" بإضمار : " يسّر" ، وفسّره بيسّره.
والمعنى : ثم سهّل سبيله ، وهو مخرجه من بطن أمه.
وقال الحسن ومجاهد : سهّل له العلم بطريق الحق والباطل (٤).
(ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) جعله ذا قبر يوارى فيه تكرمة له ، ولم يجعله على وجه الأرض جزرا للسباع والطير ، كسائر الحيوان.
يقال : أقبر الميت ؛ إذا جعل له قبرا ، وقبره : إذا دفنه بيده (٥) فهو [قابره](٦).
قال الأعشى :
ولو أسندت ميتا إلى نحرها |
|
عاش ولم يسلم إلى قابر (٧) |
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ٣١).
(٢) تفسير مقاتل (٣ / ٤٥٣).
(٣) معاني الزجاج (٥ / ٢٨٥).
(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٥٥). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ٣١).
(٥) انظر : اللسان (مادة : قبر).
(٦) في الأصل : قابر. والمثبت من ب.
(٧) البيت للأعشى. انظر : ديوانه (ص : ٩٢) ، والأغاني (١٦ / ٣٠٣) ، وصبح الأعشى (١ / ٤٤٤) ، والطبري (٣٠ / ٥٦) ، والقرطبي (١٩ / ٢١٩) ، والماوردي (٦ / ٢٠٦) ، والبحر المحيط (٨ / ٤٢٠) ، والدر المصون (٦ / ٤٨٠) ، وروح المعاني (٣٠ / ٤٤).