قوله تعالى : (كَلَّا) ردع عن الذنوب التي توجب الرّين على القلوب ، (إِنَّهُمْ) يعني : الفجار (عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ).
قال الزجاج (١) : في هذه الآية دليل على أن الله تعالى يرى في القيامة ، لو لا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة ، ولا خسّت منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن الله عزوجل. وقال الله في المؤمنين : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣] ، فأعلم الله تعالى أن المؤمنين ينظرون إلى الله تعالى ، وأعلم أن الكافرين محجوبون عن الله.
أخبرنا أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي في كتابه ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن مرزوق ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن عبد الواحد الثقفي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ، حدثنا الفضل بن [الخصيب](٢) ، حدثنا أبو العباس المزني (٣) ، حدثنا أبو إبراهيم المزني ، عن ابن هرم قال : قال الشافعي رحمهالله : قول الله تبارك وتعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فيه دلالة على أن أولياء الله يرون الله تبارك وتعالى (٤).
__________________
(١) معاني الزجاج (٥ / ٢٩٩).
(٢) في الأصل : الحصيب. والمثبت من ب. وهو الفضل بن الخصيب ابن العباس بن نصر ، المحدث الصدوق الرحال ، أبو العباس الأصبهاني ، توفي في شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة (سير أعلام النبلاء ١٤ / ٥٥١ ـ ٥٥٢).
(٣) أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن عبد الله بن مغفل ، أبو العباس المزني ، كان ثقة شديدا على أهل البدع ، توفي بدمشق في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين ومائتين (تاريخ بغداد ٤ / ٤٤).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٤٦).