وقال الربيع بن سليمان : كنت ذات يوم عند الشافعي رضي الله عنه وجاءه كتاب من الصعيد يسألونه عن قول الله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فكتب فيه : لما حجب قوما بالسّخط دلّ على أن قوما يرونه بالرضا. فقلت له : أو تدين بهذا سيدي؟ فقال : والله! لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا (١).
وقال الكلبي عن ابن عباس : إنهم عن النظر إلى رؤية ربهم لمحجوبون ، والمؤمن لا يحجب عن رؤيته (٢).
وقال مقاتل (٣) : إنهم بعد العرض والحساب لا ينظرون إليه نظر المؤمنين إلى ربهم.
وسئل مالك عن هذه الآية قال : حجب أعداءه فلم يروه ، وتجلى لأوليائه حتى رأوه (٤).
وقد ذكرنا في أثناء كتابنا هذا من دلائل الكتاب والسنة وآثار أخبار الأئمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة ، ما لا يسع المسلم تركه ، فنسأل الله أن يعيذنا من الزيغ والعناد ، وأن يمتّعنا بالنظر إليه إذا حجب عنه أهل الإلحاد.
ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنهم بعد حجبهم عنه جل وعلا يدخلون النار فقال : (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ* ثُمَّ يُقالُ) تصغيرا وتحقيرا وتوبيخا (هذَا)
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٤٦).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٤٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ٥٦).
(٣) تفسير مقاتل (٣ / ٤٦١).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٤٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ٥٦).