وقال ابن عباس : يعني : طولهم مثل العماد (١).
وقيل : كانوا أهل عمد. وكأن معنى قوله : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها) مثل تلك القبيلة في الطول والقوة (فِي الْبِلادِ) ، وهذا معنى قول الحسن ، وهم الذين قالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)(٢) [فصلت : ١٥].
وإن قلنا : إن إرم اسم بلدتهم ـ وهو قول كثير من المفسرين ـ كان قوله : (ذاتِ الْعِمادِ) صفة لبلدتهم ، على معنى : ذات الأساطين ، أو ذات البناء الرفيع.
وقد اختلفوا فيها ؛ فقال سعيد بن المسيب وعكرمة وغيرهما : هي دمشق (٣).
وقال محمد بن كعب : الإسكندرية (٤).
وقيل : هي المدينة التي بناها شداد بن عاد (٥).
وكان من حديثها : على ما أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد المقرئ في كتابه
__________________
(١) أخرجه الطبري (٣٠ / ١٧٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٠٥) وعزاه لابن جرير.
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٨١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١١٢).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٢٦) عن عكرمة. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٠٩) ، والسيوطي في الدر (٨ / ٥٠٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة. ومن طريق آخر عن سعيد بن المسيب ، وعزاه لابن عساكر.
(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ١٧٥). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٠٦) وعزاه لابن جرير وابن المنذر.
(٥) ذكره ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٢٥) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١١٠).
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤ / ٥٠٨ ، ٥٠٩) : ومن زعم أن المراد بقوله : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) مدينة ، إما دمشق ؛ كما روي عن سعيد بن المسيب وعكرمة ، أو اسكندرية ؛ كما روي عن القرظي ، أو غيرهما ، ففيه نظر ... إلى أن قال : وإنما نبّهت على ذلك لئلا يغترّ بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية ، من ذكر مدينة يقال لها : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) مبنية بلبن الذهب والفضة ... إلخ.