فإن قيل : ما فائدة الاعتراض بقوله : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) على ما قاله المفسرون؟
قلت : فائدته على القول الأول : ما أشرت إليه من البشارة بأنه سيفتح عليه هذا البلد العظيم ، الذي وقع القسم به ، ويحكم فيه وعلى أهله بما يشاء.
وفائدته على القول الآخر : ذمّ المشركين حيث استحلوا مثل محمد صلىاللهعليهوسلم في بلد من شأنه أن الله أقسم به ، والإعلام بأن مثله صلىاللهعليهوسلم في مثل هذا البلد الحرام ما خلا من مكابدة الشدائد ، فيكون ذلك خارجا مخرج التقرير والتحقيق لما أقسم الله عليه من خلق الإنسان في كبد.
فإن قيل : هلّا اكتفى بالكناية عن البلد فقال : " وأنت حلّ به"؟
قلت : كرره تفخيما لشأنه (١) ، كقول الشاعر :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
نغّض الموت ذا الغنى والفقيرا (٢) |
قوله تعالى : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) قال الحسن ومجاهد وقتادة : آدم وذريته (٣).
وقال أبو عمران الجوني : إبراهيم ومحمد صلّى الله عليهما (٤).
__________________
(١) قوله : " لشأنه" ساقط من ب.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه مجاهد (ص : ٧٥٨) ، والطبري (٣٠ / ١٩٥ ـ ١٩٦) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٣٣). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥١٩) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة. ومن طريق آخر عن مجاهد ، وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبراني (٣٠ / ١٩٦) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٣٣) ولفظهما : إبراهيم وما ولد. وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥١٩) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. ولفظه كلفظ ابن أبي حاتم.