قال المفسرون : خلق الله كلّ ذي روح مكبا على وجهه ، إلا الإنسان خلقه مديد القامة ، يتناول مأكوله بيده (١).
(ثُمَّ رَدَدْناهُ) بعد امتداد قامته واشتداد قوته (أَسْفَلَ سافِلِينَ) فصار عند الكبر [محدودب](٢) الظهر بعد الاعتدال ، مبيضّ الشعر بعد الاسوداد ، متقبّض الجلد بعد الانبساط ، هرما بعد شبابه ، ضعيفا بعد قوته ، خرفا بعد رصانة عقله ورزانة حلمه.
والسافلون : هم الضعفاء من الزمنى والأطفال والهرمى ، واحدهم : سفيل ، وسفل ، وسافل. قال المخبّل :
لئن رددت إلى النّعمان ثانية |
|
إني إذا لسفيل الجدّ محروم |
وقوله تعالى : (أَسْفَلَ سافِلِينَ) نكرة تعمّ الجنس ، كما تقول : فلان أكرم قائل ، ولا تقول : أكرم القائل ، إلا أن تجمع ، فإذا جمعت وأردت [به](٣) المعرفة قلت : أكرم القائلين ، وإن أردت النكرة قلت : أكرم قائلين. وهذا قول ابن عباس وعامة المفسرين.
وقال الحسن ومجاهد : ثم رددناه إلى النار (٤).
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٢٤).
(٢) في الأصل : محدوب. والتصويب من ب.
(٣) زيادة من ب.
(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٤٥) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٨). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٦ ، ٥٥٧) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد. ومن طريق آخر عن الحسن ، وعزاه لعبد بن حميد.