قال مقاتل (١) : تحطّم العظام ، وتأكل اللحم حتى تهجم على القلوب ، وذلك قوله : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ* الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) قال : يخلص حرّها إلى القلوب ، ثم تكسى لحما جديدا ، ثم تقبل عليهم فتأكلهم.
قال الفراء (٢) : يبلغ ألمها الأفئدة. والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد ، والعرب تقول : متى طلعت أرضنا ، أي : بلغت.
فإن قيل : العذاب شامل لجميع أجزائه ، فلم خصّ الأفئدة؟
قلت : فيه إيذان بزيادة عذابها ، ومضاعفة ألمها.
فإن قيل : فلم خصّت بالزيادة؟
قلت : لأنها مقرّ الكفر والعقائد الخبيثة.
وقيل : خصّ الأفئدة ؛ لأن الألم إذا وصل إلى الفؤاد مات صاحبه ، فأخبر أنهم في حال من يموت ، وهم لا يموتون.
ومعنى (مُؤْصَدَةٌ) : مطبقة. وقد ذكرناه في آخر سورة البلد (٣).
قوله تعالى : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قرأ أهل الكوفة إلا حفصا : " عمد" بضم العين والميم ، وفتحهما الباقون (٤).
__________________
(١) تفسير مقاتل (٣ / ٥١٧).
(٢) معاني الفراء (٣ / ٢٩٠).
(٣) عند الآية رقم : ٢٠.
(٤) الحجة للفارسي (٤ / ١٤٥) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٧٧٣) ، والكشف (٢ / ٣٨٩) ، والنشر (٢ / ٤٠٣) ، والإتحاف (ص : ٤٤٣) ، والسبعة (ص : ٦٩٧).