والمعنى : في عنقها حبل من ما مسد ، رابطة به حزمة من الحطب على ظهرها.
ذكر الله صورتها وهيئتها والحطب على ظهرها ، والحبل في عنقها ؛ تصغيرا لها ، وتحقيرا لشأنها. ولن تجد أنكى لها ولزوجها من المناداة عليها بذلك ، وهما من الشرف والعزة والمنعة والمال بالمكانة التي كانا عليها.
وقيل : المعنى : في جيدها في جهنم حبل من مسد ، وهي سلسلة من حديد ، ذرعها سبعون ذراعا ، قد أحكم فتلها ، تعذّب بها في النار.
قال أهل العلم (١) : وفي هذه السورة دلالة واضحة على صحة نبوة سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن الله تعالى أخبر عن مصير أبي لهب وامرأته إلى النار ، وكانا من أحرص الناس على إبطال أمره ، وإفساد ما جاء به ، ولم يؤمنا به نقاما ، ليظهرا للناس الخلف فيما توعّدا به.
وعندي : أن فيه دلالة على صحة نبوته من وجهين آخرين :
أحدهما : أنه لو لم يكن هذا من عند الله تعالى لم يقدم سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم على التسجيل عليهما به ؛ لجواز وقوع الإسلام منهما في ثاني الحال ، فيفضي إلى تطرّق الطعن عليه من أعدائه.
الثاني : أنه أخبر بذلك واستمرّ موجبه ، وهو [كفرهما](٢) إلى الموت المفضي بهما إليه.
قالت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه : «لما نزلت هذه السورة أقبلت
__________________
(١) هو قول ابن الجوزي في : زاد المسير (٩ / ٢٦٠).
(٢) في الأصل : كفرهم. والتصويب من ب.