آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس» (١).
والخنوس : التأخر في خفية.
قوله تعالى : (الَّذِي يُوَسْوِسُ) جائز أن يكون في محل الجر صفة ل" الوسواس". وجائز أن يكون في محل النصب والرفع على الذم (٢).
وفي توجيه الآية أقوال :
أحدها : أن" من" يتعلق ب" يوسوس" ، ومعناه : ابتداء الغاية ، على معنى : يوسوس في صدور الناس من جهة الجن ومن جهة الناس.
قال قتادة : إن من الجن شياطين ، وإن من الإنس شياطين ، فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن (٣).
وقال ابن جريج : وسواس الإنس : وسوسة النّفس (٤).
القول الثاني : أن قوله : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان ل"(النَّاسِ)" ، فإن الجن يسمون ناسا كما يسمون نفرا ورجالا في قوله : (اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ١] ، وقوله : (يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ٦]. قاله الفراء (٥).
الثالث : أن قوله : "(مِنَ الْجِنَّةِ)" بيان ل"(الْوَسْواسِ)" ، أي : الوسواس الذي هو
__________________
(١) أخرجه الطبري (٣٠ / ٣٥٥) ، وابن أبي شيبة (٧ / ١٣٥ ح ٣٤٧٧٤) كلاهما موقوفا عن ابن عباس. وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٦٩٤) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس.
(٢) انظر : الدر المصون (٦ / ٥٩٣).
(٣) ذكره الماوردي (٦ / ٣٧٩).
(٤) مثل السابق.
(٥) معاني الفراء (٣ / ٣٠٢).