المدارس العديدة التي كانت تقوم هنا وهناك بعيداً عن المركز وتتلاشى بموت رائدها.
وللمحقّق البهبهاني رائد هذه المدرسة كتاب في الاصول باسم «الفوائد الحائرية» نلمح فيه ضراوة المعركة التي كان يخوضها ضدّ الحركة الأخبارية.
ونقتبس من الكتاب نصّاً يشير فيه إلى بعض شبهات الأخباريّين وحججهم ضدّ علم الاصول ، ويلمِّح لدى تفنيدها إلى ما شرحناه سابقاً من أنّ الحاجة إلى علم الاصول حاجة تأريخية.
قال البهبهاني : «لمّا بَعُد العهد عن زمان الأئمّة عليهمالسلام وخفت أمارات الفقه والأدلّة ـ على ما كان المقرّر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاءٍ بانقراضهم وخلوّ الديار عنهم إلى أن انطمس أكثر آثارهم ، كما كانت طريقة الامم السابقة والعادة الجارية في الشرائع الماضية : أنّه كلّما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى أمارات قديمة ، وتحدث خيالات جديدة إلى أن تضمحلّ تلك الشريعة ـ توهّم متوهّم أنّ شيخنا المفيد ومن بعده من فقهائنا إلى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة ، مبدِعين بدعاً كثيرةً ... ، متابعين للعامة ، مخالفين لطريقة الأئمّة ، ومغيِّرين لطريقة الخاصّة مع غاية قربهم (١) لعهد الأئمّة ونهاية جلالتهم وعدالتهم ومعارفهم في الفقه والحديث وتبحرهم وزهدهم وورعهم» (٢).
__________________
(١) أي أنّ هذه التهمة توجّه إليهم بالرغم من أنّهم في غاية القرب لعهد الأئمّة عليهمالسلام. (المؤلّف قدسسره)
(٢) الفوائد الحائرية : ٨٥ ـ ٨٦