(وَتَزَوَّدُوا) الاية ـ (وَمَنْ كَفَرَ) يعنى أنكر وجوب الحج كذا قال ابن عباس والحسن وعطاء ـ اخرج عبد بن حميد فى تفسيره عن نقيع قال قرا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الاية فقام رجل من هذيل فقال يا رسول الله فمن تركه فقد كفر قال من تركه لا يخاف عقوبته ولا يرجو ثوابه ـ نقيع تابعي فالحديث مرسل ـ وقال سعيد بن المسيب نزلت فى اليهود حيث قالوا الحج الى مكة غير واجب واخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن الضحاك مرسلا انه لما نزل صدر الاية جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ارباب الملل فخطبهم وقال ان الله كتب عليكم الحج فحجوا فامنت به ملة واحدة يعنى المسلمين وكفرت به خمس ملل يعنى المشركين واليهود والنصارى والصابئين والمجوس فنزل (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ـ واخرج سعيد بن منصور عن عكرمة قال لما نزلت (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) الاية قالت اليهود فنحن مسلمون فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم ان الله فرض على المسلمين حج البيت فقالوا لم يكتب علينا وأبوا ان يحجوا فانزل الله (وَمَنْ كَفَرَ) الاية ـ والظاهر انه وضع من كفر موضع من لم يحج تأكيدا لوجوبه وتغليظا على تاركه ومعنى كفر انه لم يشكر المنعم على صحة جسمه وسعة رزقه وهذان التأويلان جاريان فى حديث ابى امامة ان النبي صلىاللهعليهوسلم قال من لم تحبسه حاجة ظاهرة او مرض حابس او سلطان جائر ولم يحج فليمت ان شاء يهوديا وان شاء نصرانيا رواه البغوي والدارمي فى مسنده وأورده ابن الجوزي فى الموضوعات وتعقبه الحفاظ وحديث على عليهالسلام من ملك زادا وراحلة يبلغه الى بيت الله ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا رواه الترمذي وضعفه (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٩٧) أكد الله سبحانه امر الحج فى هذه الاية بوجوه ١ بالدلالة على وجوبه بصيغة الخبر ـ ٢ وابرازه فى صورة الاسمية ـ و ٣ إيراده على وجه يفيد انه حق واجب لله فى رقاب الناس ـ ٤ وتعميم الحكم اولا وتخصيصه ثانيا فانه كايضاح بعد إبهام وتكرير للمراد ـ ٥ وتسمية ترك الحج كفرا من حيث انه فعل الكفرة ـ ٦ وذكر الاستغناء فانه فى هذا الموضع يدل على المقت والخذلان ـ ٧ ووضع المظهر بلفظ عام شامل لمرجع الضمير موضعه لما فيه من مبالغة التعميم والدلالة على الاستغناء عنه بالبرهان والاشعار بعظم السخط