فى الصحابة لاجل هذا الفرار وايضا كان هذا الفرار قبل ورود النهى عنه (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٥٥). (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى المنافقين عبد الله بن ابى وأصحابه فانه من تشبه بقوم فهو منهم رواه ابو داود عن ابن عمر مرفوعا والطبراني عن حذيفة مرفوعا لا سيما إذا كان وجه المشابهة موجبا للكفر كما فى ما نحن فيه فان ذلك القول انكار للقدر وهو كفر (وَقالُوا) كلمة قالوا صيغة ماض لكنه بمعنى الاستقبال بدليل جعل ظرفه إذا دون إذ وإذا للمستقبل وان دخل على الماضي وانما أورد صيغة الماضي لتدل على تحققه قطعا كما فى قوله تعالى إذا السّماء انشقّت (لِإِخْوانِهِمْ) فى النسب او فى النفاق قال بعض المفسرين يعنى قالوا لاجل إخوانهم وفيهم لان قولهم لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا يدل على انهم لم يكونوا مخاطبين قلت وجاز ان يكون جعل القول لاخوانهم باعتبار بعضهم الحاضرين وضمير لو كانوا إليهم باعتبار بعضهم المقتولين او الأموات والاسناد الى الجميع باعتبار البعض شائع وتفسير الاخوة باخوة النفاق لا بتصور الا فى المخاطبين والا فالذين كانوا غزّى لم يكونوا منافقين غالبا (إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) اى ذهبوا فيها وأبعدوا للتجارة او غيرها وإذا متعلق بقالوا ويعتبر ذلك الزمان ممتدا وقع فيه الضرب والموت والقول ـ قال البيضاوي وكان حقه إذ لقوله قالوا لكنه جىء على حكاية الحال الماضي واعترض عليه بان الماضي مع إذا كلمة استقبال لا يكون للحال فكيف يصح حكاية عن الحالة الماضية بفرض وجود ذلك الزمان الان او بفرضك متكلما فى الماضي فالاولى ما قلنا ان قالوا للاستقبال (أَوْ كانُوا غُزًّى) جمع غازى كعاف وعفّى يعنى كانوا على سفر او غزّى فماتوا او قتلوا (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) مقولة قالوا ـ وانما قالوا ذلك لعدم ايمانهم بالقدر فكذلك القدرية (لِيَجْعَلَ اللهُ) اللام للعاقبة كما فى قوله تعالى ليكون لهم عدوّا وحزنا (ذلِكَ) الاعتقاد الذي دل عليه القول (حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) قوله ليجعل اما متعلق بقالوا فالمعنى يصير عاقبة قولهم واعتقادهم ذلك حسرة واما متعلق بلا تكونوا والمعنى لا تكونوا مثلهم فى النطق بهذا القول والاعتقاد وذلك اشارة الى ما دل عليه النهى والمعنى لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة فى قلوبهم فان مخالفتكم إياهم يغمهم (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) لا تأثير للسفر والجهاد فى الموت ولا لضدهما فى الحيوة فانه قد يموت المقيم القاعد دون المسافر الغازي (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١٥٦) تهديد للمؤمنين على مما ثلتهم على قراءة الخطاب وقرا ابن كثير وحمزة وخلف ابو محمدو الكسائي يعملون بالياء