(بِيَحْيى) سمى به لان الله تعالى أحيا به عقرامه كذا قال ابن عباس وقال قتادة لان الله تعالى أحيا قلبه بالايمان والطاعة حتى لم يعص ولم بهم بمعصية (مُصَدِّقاً) حال مقدرة (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) يعنى بعيسى عليهالسلام سمى به لان الله تعالى قال له كن من غيراب فكان فوقع عليه اسم الكلمة لانه بها كان ـ وقيل سمى عيسى كلمة لانه يهتدى به كما يهتدى بكلام الله ـ قالت الصوفية كان مبدا تعينه صفة الكلام وكان يحيى أول من أمن بعيسى وصدّقه وكان يحيى اكبر من عيسى بستة أشهر ـ وفى الصحيحين فى حديث المعراج انهما كانا ابني خالة وقد ذكر فيما سبق ان يحيى كان ابن خالة لمريم ـ وعلى تقدير صحة تلك الرواية فالقول بانهما كانا ابني خالة مبنى على التجوز كما قال عليه الصلاة لفاطمة اين ابن عمك يعنى عليا وهو ابن عم لابيها ـ وقد قتل يحيى قبل رفع عيسى الى السماء ـ وقال ابو عبيدة أراد بكلمة من الله كتاب الله وآياته (وَسَيِّداً) يسود (١) قومه ويفوقهم فى العلم والعبادة والورع وجميع خصال الخير قال مجاهد الكريم على الله وقيل الحليم الذي لا يغضبه شىء وقال سفيان الذي لا يحسد وقيل هو القانع وقيل هو السخي وقال جنيد هو الذي جار بالكونين عوضا عن المكون (وَحَصُوراً) أصله من الحصر وهو الحبس والمنع فقيل كان لا يأتى النساء فقيل كان عنينا كما جاء فى الحديث قلت وان كان عنينا فليس المراد هاهنا كونه عنينا لانه ليس بمدح والمقام مقام المدح فالاولى ان يقال انه كان منوعا حابسا نفسه عن اتباع الشهوات والملاهي ـ اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن عساكر عن عمرو بن العاص عن النبي صلىاللهعليهوسلم ما من عبد لله يلقى الله الا أذنب الا يحيى بن زكريا فان الله يقول وسيّدا وحصورا قال وانما كان ذكره مثل هدبة الثوب وأشار بانمله ـ وقوله صلىاللهعليهوسلم انما كان ذكره مثل هدبة الثوب ليس بيانا لكونه حصورا بل بيانه ما سبق اعنى كونه معصوما وهذا بيان للواقع وأخرجه ابن ابى شيبة واحمد فى الزهد وابن ابى حاتم من وجه اخر عن ابن عمر موقوفا وهو أقوى اسنادا من المرفوع ـ واخرج ابن ابى حاتم وابن عساكر عن ابى هريرة ان نبى الله صلىاللهعليهوسلم قال كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه ان شاء يعذبه وان شاء يرحمه الا يحيى بن زكريا فانه كان سيّدا وحصورا
__________________
(١) قال فى النهاية للجزرى السيد يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم ـ وأصله من ساد يسود فهو سيؤد فقلبت الواو ياء لاجل الباء الساكنة قبلها فادغمت ـ منه رح