(مسئلة) هل يبلغ غير الشهيد درجة الشهيد قلت نعم وما ورد فى فضائل الشهداء لا يقتضى نفى الحكم عمن عداهم وقد روى ابو داود والنسائي عن عبيد بن خالد ان النبي صلىاللهعليهوسلم أخي بين رجلين فقتل أحدهما فى سبيل الله ثم مات اخر بعد جمعة او نحوها فصلوا عليه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم ما قلتم قالوا دعونا الله ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم فاين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله او قال صيامه بعد صيامه لما بينهما ابعد مما بين السماء والأرض ـ وقد ذكرنا بحث مقر الأنبياء والشهداء والصديقين والمؤمنين وغيرهم فى تفسير سورة المطففين ومسئلة حيوة الشهداء فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ)(عِنْدَ رَبِّهِمْ) اى ذو زلفى وقرب منه تعالى قربا بلا كيف قال الشيخ الشهيد شيخى وامامى رضى الله عنه ورضى عنا بسره السامي انه يرى بنظر الكشف تجليات ذاتية على الشهداء لما بذلوا ذواتهم فى سبيل الله قال الله تعالى (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) فهم قدموا لانفسهم بدل الذوات فجزاهم الله تعالى بالتجليات الذاتية الصرفة (يُرْزَقُونَ) (١٦٩) من الجنة تأكيد لكونهم احياء. (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أبهم الله سبحانه ما أتاهم لكونه بحيث لا يدركه فهم ولا يحيط بتفصيله عبارة روى ابن ابى شيبة وعبد الرزاق فى المصنف واحمد ومسلم وابن المنذر عن مسروق قال سالنا عبد الله يعنى ابن مسعود عن هذه الآيات فقال قد سالنا عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أرواحهم فى جوف طير خضر ولفظ عبد الرزاق أرواح الشهداء كطير خضر لها قناديل من ذهب معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى الى تلك القناديل فاطلع عليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا ففعل ذلك ثلاث مرات وفى رواية فقال سلونى ما شئتم فقالوا يا رب كيف نسئلك ونحن نسرح فى الجنة فى ايها شئنا ـ فلما راوا انهم لم تتركوا من ان يسئلوا شيئا قالوا يا ربنا نريد ان ترد أرواحنا فى أجسادنا حتى نقاتل فى سبيلك مرة اخرى فلما راى ان ليس لهم حاجة تركوا (وَيَسْتَبْشِرُونَ) يسرون ويفرحون (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) الذين تركوهم احياء فى الدنيا على مناهج الايمان والطاعة والجهاد او المعنى لم يلحقوا بهم فى الدرجة (مِنْ خَلْفِهِمْ) زمانا او رتبة (أَلَّا خَوْفٌ) بدل اشتمال من الذين اى بان لا خوف (عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٧٠) قيل معناه يحتمل انهم يستبشرون بإخوانهم الذين لم يلحقوا بهم ان لا خوف عليهم يعنى على الشهداء من جهتهم اى من جهة الاخوان لاجل حقوق العباد فى ذمتهم ومخاصمتهم معهم لانه تعالى سيرضيهم