متلبسة (بِالْحَقِ) بحيث لا شبهة فيها (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) (١٠٨) إذ لا يتصور منه الظلم لانه لا يجب عليه فعل شىء ولا تركه فيظلم بترك ما وجب عليه لانه المالك على الإطلاق يتصرف فى ملكه كيف يشاء ـ قلت والظاهر ان المراد بالظلم هاهنا ما هو ظلم من العباد فيما بينهم والمعنى ان الله لا يريد ان ينقص ثواب من عمل خيرا بفضله ولا ان يزيد فى عذاب العاصي على قدر جريمته والكفر بالله تعالى أعظم الخطايا لا ذنب فوقه فيعذب بالنار المخلدة عذابا لا يكون عذاب فوقه جزاء وفاقا. (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا فهو تعليل لعدم ارادة الظلم على التأويل الاول وبيان لقدرته على اجراء وعده ووعيده على التأويل الثاني (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (١٠٩) فيجازى كلا على حسب وعده ووعيده ـ قال البغوي قال عكرمة ان مالك بن الضيف ووهب بن يهودا من اليهوديين قالا لابن مسعود ومعاذ بن جبل وسالم مولى ابى حذيفة نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعونا اليه فانزل الله تعالى. (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) اضافة صفة الى موصوفه مثل اخلاق ثياب والمفضل منه محذوف يعنى كنتم امة خير الأمم كلها وكان تدل على ثبوت خبرها لاسمها فى الماضي ولا يدل على عدم سابق ولا انقطاع لاحق الا بقرينة خارجية قال الله تعالى وكان الله غفورا رحيما فهذه الجملة دلت على خيريتهم فيما مضى ويدل على خيريتهم فى الحال والاستقبال قوله تعالى تأمرون إلخ ويحتمل ان يكون كنتم فى علم الله او فى الذكر فى الأمم السابقة خير امة (أُخْرِجَتْ) يعنى أظهرت وأوجدت والخطاب اما للصحابة خاصة كذا قال جويبر عن الضحاك وروى عن عمر بن الخطاب قال كنتم خير امة يكون لا ولنا ولا يكون لاخرنا ـ وعن ابن عباس انهم هم الذين هاجروا مع النبي صلىاللهعليهوسلم الى المدينة ـ وعن عمر انه قال لو شاء الله لقال أنتم ولكن قال كنتم فى خاصة اصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ومن صنع مثل صنيعهم (١) كانوا خير امّة أخرجت للنّاس ـ واما لامة محمد صلىاللهعليهوسلم عامة وكلا المعنيين ثابت بالنصوص وعلى كل منهما انعقد الإجماع فان امة محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل من الأمم كلها والأفضل منهم قرن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قال الله تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنا
__________________
(١) وعن قتادة عن عمر فى قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) انه تلا هذه الاية ثم قال يا ايها الناس من سرّه ان يكون فى الامة التي أخرجت للناس فليؤد شرط الله فيها ـ منه رحمهالله فى الأصل ملتبسة ـ