(قَدْ جاءَكُمْ) يا معشر اليهود (رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ) المعجزات الواضحات سوى القربان (وَبِالَّذِي قُلْتُمْ) من القربان كزكريا ويحيى وسائر من قتلوهم من الأنبياء (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ) يعنى كذّبهم أسلافهم وقتلوهم واتبعهم أولادهم الذين كانوا فى زمن النبي صلىاللهعليهوسلم على تكذيبهم والرضاء بالكفر بهم فلذلك توجه إليهم هذا الاستفهام الإنكاري (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٨٣) شرط حذف جزاؤه يعنى ان كنتم صادقين فى انّ امتناعنا عن الايمان بك لاجل ذلك العهد فلم لم تؤمنوا بزكريا ويحيى وأمثالهما فاذا لم تؤمنوا بهم ظهران امتناعكم عن الايمان ليس لاجل هذا بل عنادا وتعصبا. (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) فلا تحزن (فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) فعلى هذا التأويل جزاء الشرط محذوف أقيم سببه مقامه وجاز ان يكون المعنى فان كذبوك فتكذيبك تكذيب لرسل من قبلك حيث أخبروا ببعثك (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ) المعجزات الواضحات (وَالزُّبُرِ) كصحف ابراهيم (وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (١٨٤) كالتورية والإنجيل وعلى التأويل الاول تسلية للنبى صلىاللهعليهوسلم يعنى فاصبر كما صبروا وعلى التأويل الثاني الزام لليهود فان تكذيب محمد عليه الصلاة والسلام تكذيب للذين جاءوا بالقربان ـ قرا هشام بالزّبر وبالكتب المنير بزيادة الباء فيهما وهكذا خطّ هشام عليهما فى كتابه عن أصحابه عن ابن (١) عامر وقرا ابن ذكوان بزيادة الباء فى بالزبر وحده والباقون بغير باء فيهما ـ والزبر جمع زبور وهو الكتاب المقصور على الحكم من زبرت الشيء إذا احسنته ـ. (كُلُّ نَفْسٍ) مؤمنة او فاجرة (ذائِقَةُ الْمَوْتِ) قال البغوي فى الحديث انه لمّا خلق الله آدم اشتكت الأرض الى ربها لما أخذ منها فوعدها ان يرد فيها ما أخذ منها فما من أحد الا ويدفن فى التربة التي خلق منها والحاصل انه ليست الحيوة الدنيا ونعماؤها جزاء للطاعات (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) اى جزاء أعمالكم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا فاجازيك على الصبر والطاعة وأجازي الكفار على تكذيب الحق ـ وهذه الاية ايضا تسلية للنبى صلىاللهعليهوسلم ـ ولفظا التوفية يشعر بانه قد يكون بعض الأجور قبلها قال الله تعالى وآتيناه يعنى ابراهيم (أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ـ وعن ابى سعيد الخدري قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حقر النار رواه الترمذي
__________________
(١) فى الأصل ابى عامر ـ