التصرف فى غير ملكه بغير اذن المالك او على خلاف ما امره به والله سبحانه لو عذب اهل السموات والأرض بغير جرم منهم لا يكون ذلك ظلما لانه المالك على الإطلاق يتصرف فى ملكه كيف يشاء فالظلم المنفي فى هذا المقام ليس بمعناه الحقيقي بل أريد هاهنا فعله تعالى بعبده ما يعد ظلما لو جرى فيما بينهم وان لم يكن ذلك ظلما لو صدر منه تعالى ونفى الظلم بهذا المعنى ليس بواجب عليه سبحانه بل هو مبنى على الفضل وجاز ان يقال معنى الاية ان عدم انتقام الأنبياء من الذين قتلوهم وظلموهم وكذبوهم فى صورة الظلم على الأنبياء وذلك وان لم يجب على الله تعالى فى ذاته لكن مقتضى فضله على الأنبياء الانتقام من أعدائهم وتعذيبهم فالمراد بالعبيد هاهنا الأنبياء وفيه منقبة لهم بكمال انقيادهم وعبوديتهم طوعا مثل انقياد جميع الأشياء له تعالى يسرا وكرها ـ وهاهنا توجيه اخر وهو ان يقال ان فيه اشارة الى ان الكفار استحقوا العذاب بحيث لو لم يعذبهم الله تعالى لكان ظلما عليهم ومنعا لحقهم فهذه الجملة كانها تأكيد لوقوع العذاب عليهم ـ قال الكلبي ان كعب بن الأشرف ومالك بن الضيف ووهب بن يهود او زيد بن التابوت وفخاص بن عازورا وحيى بن اخطب أتوا النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا يا محمد تزعم ان الله بعثك رسولا إلينا وانزل عليك كتابا وانّ الله عهد إلينا فى التورية الّا نؤمن لرسول يزعم انه من عند الله حتّى يأتينا بقربان تأكله النّار فان جئتنا به صدقناك فانزل الله تعالى. (الَّذِينَ قالُوا) محله الجر بدلا من الموصول السابق او الرفع بناء على انه خبر مبتدا محذوف اى هم الذين قالوا (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا) يعنى أمرنا واوصانا فى التورية (أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ) اى لا نصدق رجلا يدّعى الرسالة من عند الله (حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) ـ القربان فى الأصل كل ما يتقرب به العبد الى الله عزوجل من نسيكة وصدقة وعمل صالح فعلان من القربة ثم صار اسما للذبيحة التي كانوا يتقربون بها الى الله تعالى وكانت القرابين والغنائم لا تحل لبنى إسرائيل فكانوا إذا قربوا قربانا او غنموا غنيمة جاءت نار بيضاء من السماء لا دخان لها لها دوى وحفيف فيأكل ويحرق ذلك القربان والغنيمة فيكون ذلك علامة القبول وإذا لم تقبل بقيت على حالها ـ قال السدى ان الله تعالى امر بنى إسرائيل من جاءكم يزعم انه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد فاذا أتياكم فامنوا بهما فانهما يأتيان بغير قربان قال الله تعالى اقامة للحجة عليهم (قُلْ) يا محمد