قال قائل : فالمراد أنّهم يتصدّقون ويصلّون ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة. قيل له : هذا تأويل ساقط ، من قِبَل أنّ قوله تعالى : ( وَهُمْ راكِعُونَ ) إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة ، كقولك : تكلّم فلان وهو قائم ، وأعطى فلاناً وهو قاعد ، إنّما هو إخبار عن حال الفعل ... فثبت أنّ المعنى ما ذكرناه من مدح الصدقة في حال الركوع أو في حال الصلاة.
وقوله تعالى : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) يدل على أن صدقة التطوّع تسمّى زكاةً ، لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعاً ، وهو نظير قوله تعالى : ( وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) قد انتظم صدقة الفرض والنفل ، فصار اسم الزكاة يتناول الفرض والنفل ، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ، ينتظم الأمرين » (١).
وكذا في تفسير القرطبي ـ نقلاً عن الكيا الطبري (٢) وأشار إليه الزمخشري وأبو السعود وغيرهما.
قلت : وفيه فوائد :
١ ـ ترتّب الأثر الفقهي ، واستنباط الحكم الشرعي من هذه القضيّة.
٢ ـ إنّ لفظ « الزكاة » يعم الفرض والنفل.
٣ ـ إنّ « الواو » في ( وَهُمْ راكِعُونَ ) حاليّة.
ولقد ذكر بعضهم كالجصّاص في عبارته المذكورة الإمام أبا جعفر الباقر عليهالسلام في القائلين بنزولها في أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبه يرد على ما نقله الدهلوي في ( التحفة الاثني عشرية ) عن تفسير النقّاش أنّه عزا إلى الإمام
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٦٢٥ ـ ٦٢٦.
(٢) تفسير القرطبي ٦ / ٢٢١.