وهي لا دلالة فيها على إمامة الأمير ونفي الإمامة عن غيره أصلاً قطعاً ، لأنّ كون الشخص هادياً لا يلازمُ إمامته ولا ينفي الهداية عن غيره ، ولو دلّ مجرّد الهداية على الإمامة ، لكان المراد منها الإمام بمصطلح أهل السنّة ، وهي الإمامة في الدين ، وهو غير محلّ النزاع ». إنتهى (١).
وقال شهاب الدين الآلوسي بتفسير الآية : « وقالت الشيعة : إنّه عليٌّ كرم الله تعالى وجهه ، ورووا في ذلك أخباراً ، وذكر ذلك القشيري منّا.
وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، والديلمي ، وابن عساكر ، عن ابن عبّاس ، قال : لما نزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ) الآية ، وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب عليّ كرّم الله تعالى وجهه فقال : أنت الهادي ، يا عليّ! بك يهتدي المهتدون من بعدي.
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد المسند ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، والحاكم وصحّحه ، وابن عساكر أيضاً ، عن عليٍّ كرّم الله تعالى وجهه ، أنّه قال في الآية : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المنذر وأنا الهادي. وفي لفظ : الهادي رجل من بني هاشم ـ يعني نفسه ـ واستدلّ بذلك الشيعة على خلافة عليّ كرّم الله تعالى وجهه بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلا فصل.
وأُجيب : بأنّا لا نسلّم صحّة الخبر ، وتصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الإعتبار عند أهل الأثر ، وليس في الآية دلالة على ما تضمّنه بوجه من الوجوه ، على أنّ قصارى ما فيه كونه كرّم الله تعالى وجهه به يهتدي المهتدون بعد رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم ، وذلك لا يستدعي إلاّ إثبات مرتبة
__________________
(١) التحفة الإثنا عشرية : ٢٠٧.