الإرشاد ، وهو أمر ، والخلافة التي تقول بها أمر لا تلازم بينهما عندنا.
وقال بعضهم : إن صحّ الخبر يلزم القول بصحّة خلافة الثلاثة رضي الله تعالى عنهم ، حيث دل على أنّه كرّم الله تعالى وجهه على الحقّ في ما يأتي ويذر ، وأنّه الذي يُهتدى به ، وهو قد بايع أولئك الخلفاء طوعاً ، ومدحهم وأثنى عليهم خيراً ، ولم يطعن في خلافتهم ، فينبغي الإقتداء به والجري على سننه في ذلك ، ودون إثبات خلاف ما أظهر خرط القتاد.
وقال أبو حيّان : إنه صلّى الله عليه وسلّم على فرض صحّة الرواية إنّما جعل عليّاً كرم الله تعالى وجهه مثالاً من علماء الأُمّة وهداتها إلى الدين ، فكأنّه عليه الصلاة والسلام قال : يا عليّ هذا وصفك ، فيدخل الخلفاء الثلاث ، وسائر علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، بل وسائر علماء الأُمّة.
وعليه : فيكون معنى الآية : إنّما أنت منذر ولكلّ قوم في القديم والحديث إلى ما شاء الله تعالى هداة دعاة إلى الخير.
وظاهره أنّه لم يَحْمِل تقديم المعمول في خبر ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما على الحصر الحقيقي ، وحينئذٍ لا مانع من القول بكثرة من يُهتدى به.
ويؤيّد عدم الحصر ما جاء عندنا من قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر وعمر ) وأخبار أُخر متضمّنة لإثبات من يُهتدى به غير عليٍّ كرّم الله تعالى وجهه ، وأنا أظنّك لا تلتفت إلى التأويل ، ولا تعبأ بما قيل ، وتكتفي بمنع صحّة الخبر وتقول : ليس في الآية ممّا يدل عليه عين ولا أثر » (١).
__________________
(١) روح المعاني ١٣ / ١٠٨.