والتخيير على الجواز ، أو بحمل الإرجاء على ما يمكن الإرجاء فيه بأن لا يكون مضطرًّا إلى العمل بأحدهما ، والتخيير على ما إذا لم يكن له بدٌّ من العمل بأحدهما ، كما يؤمي إليه خبر سماعة ، ويظهر من خبر الميثميّ فيما سيأتي وجه جمع آخر بينهما ، وسنفصّل القول في ذلك في رسالة مفردة إن شاء الله تعالى .
٢ ـ ج : عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام في مناظرته مع يحيى بن أكثم ـ وسيجيىءُ بتمامه في موضعه ـ أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجّة الوداع : قد كثرت عليَّ الكذابة وستكثر فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنّتي فما وافق كتاب الله وسنّتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به . الخبر .
بيان : الكذابة بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثرت عليَّ كذابة الكذّابين ، ويصحُّ أيضاً جعل الكذاب بمعنى المكذوب والتاء للتأنيث أي الأحاديث المفتراة ، أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة ، والمعنى : كثرت عليَّ أكاذيب الكذّابة ، أو التاء للتأنيث والمعنى : كثرت الجماعة الكذّابة ، ولعلَّ الأخير أظهر ، وعلى التقادير الظاهر أنَّ الجارَّ والمجرور متعلّق بالكذابة ، ويحتمل تعلّقه بكثرت على تضمين اجتمعت ونحوه ، وهذا الخبر على تقديري صدقه وكذبه يدلُّ على وقوع الكذب عليه صلىاللهعليهوآله . (١)
٣ ـ ج : وممّا أجاب به أبو الحسن عليّ بن محمد العسكريّ عليهما السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال : اجتمعت الاُمّة قاطبةً لا اختلاف بينهم في ذلك أنّ القرآن حقٌّ لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الإجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : لا تجتمع اُمّتي على ضلالة ، فأخبر صلىاللهعليهوآله أنّ ما اجتمعت عليه الاُمّة ولم يخالف بعضها بعضاً هو الحقّ ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوّله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتّباع حكم الأحاديث المزوّرة ، والروايات المزخرفة ، واتّباع
________________________
(١) أما على تقدير صدقه فواضح وأما على تقدير كذبه فنفس الخبر كذب عليه .