ابن أشيم (١) قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فسألته عن مسألة فأجابني ، فبينا أنا جالس إذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني ثمَّ جاءه رجل آخر فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، ففزعت من ذلك وعظم عليَّ ، فلمّا خرج القوم نظر إليَّ فقال : يا ابن أشيم كأنَّك جزعت ؟ قلت : جعلني الله فداك إنَّما جزعت من ثلاث أقاويل في مسألة واحدة ، فقال : يا ابن أشيم إنَّ الله فوَّض إلى سليمان بن داود أمر ملكه فقال : هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ . وفوَّض إلى محمّد أمر دينه فقال : مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . فإنَّ الله تبارك وتعالى فوَّض أمره إلى الأئمّة منّا وإلينا ما فوَّض إلى محمّد صلى الله عليه وآله فلا تجزع .
بيان : هذا أحد معاني التفويض ، وهو أنّه فوَّض الله إليهم بيان الحكم الواقعي في موضعه ، وبيان حكم التقيّة في محلّه ، والسكوت فيما لم يروا المصلحة في بيان شيء وسيأتي تفصيله في كتاب الإمامة .
٣٣ ـ ير : محمّد بن عيسى قال : أقرأني داود بن فرقد الفارسيّ كتابه إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام وجوابه بخطّه ، فقال : نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نردّ إليك (٢) فقد اختلف فيه . فكتب ـ وقرأته ـ : ما علمتم أنّه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردّوه إلينا .
٣٤ ـ ير : محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن الفضيل ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يختلف أصحابنا فأقول : قولي هذا قول جعفر بن محمّد . قال : بهذا نزل جبرئيل .
بيان : بهذا أي بما أقول لك أو بالتسليم الّذي صدر منك .
________________________
(١) هو من أصحاب محمد بن مقلاص ، روى الكشي في رجاله ص ٢٢١ ما يدل على ذمه وعلى كونه خطابيا قتل مع أبي الخطاب . قال : حمدويه بن نصير قال : حدثنا أيوب بن نوح ، عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إني لانفس على اجساد اصيبت معه ـ يعنى أبا الخطاب ـ النار ، ثم ذكر ابن الاشيم فقال : كان ياتيني فيدخل عليّ هو وصاحبه وحفص بن ميمون ويسألوني فاخبرهم بالحق ثم يخرجون من عندي الى أبي الخطاب فيخبرهم بخلاف قولي فيأخذون بقوله ويذرون قولي .
(٢) وفي نسخة : إذا أفرد اليك .