عمل بما رووه في حال الاستقامة ، وترك ما رووه في حال خطائهم ، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذا القول في أحمد بن هلال العبرتائيّ وابن أبي غراقر ، فأمّا ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على حال ، وكذا القول فيما يرويه المتَّهمون والمضعَّفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلُّ على صحّتها وجب العمل به ، وإن لم يكن هنا ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقُّف في أخبارهم ، ولأجل ذلك توقَّف المشائخ في أخبار كثيرة هذه صورتها ، ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من المصنّفات ، وأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال أو فاسقاً في أفعال الجوارح ، وكان ثقةً في روايته ، متحرّزاً فيها ، فإنَّ ذلك لا يوجب ردَّ خبره ويجوز العمل به ، لأنَّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم .
ثمّ قال رحمه الله : وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً نظر في حال المرسل فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة يوثق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، و لأجل ذلك سوَّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقاة الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا ممّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم ، فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون لمن يرسل عن ثقة وغير ثقة فإنّه يقدَّم خبر غيره عليه ، فإذا انفرد وجب التوقُّف في خبره إلى أن يدلَّ دليل على وجوب العمل به ، فأمّا إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الّذي ذكرناه ، ودليلنا على ذلك الأدلّة الّتي سنذكرها على جواز العمل بأخبار الآحاد ، فإنّ الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ، فما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر ، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر فلا فرق بينهما على حال .
ثمّ قال نوّر الله
ضريحه : فما اخترته من المذهب وهو أنّ خبر الواحد إذا كان وارداً من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويّاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعن أحد من