المستعان ، وإنّما مجمع الناس الرضا والغضب ، أيّها الناس إنّما عقر ناقة صالح واحد فأصابهم بعذابه بالرضا ، وآية ذلك قوله عزّ وجلّ : فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ . وقال : فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا . ألا ومن سئل عن قاتلي فزعم أنّه مؤمن فقد قتلني ، أيّها الناس من سلك الطريق ورد الماء ، ومن حاد عنه وقع في التيه ـ ثمّ نزل ـ .
ورواه لنا محمّد بن همّام ومحمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور معاً ، عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، عن أحمد بن نوح ، عن ابن عليم ، عن رجل ، عن فرات بن أحنف ، عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله ، إلّا أنّه قال : لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله .
٢٨ ـ سن : ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربق الإسلام من عنقه ، ومن نكث صفقة الإمام جاء إلى الله أجذم .
بيان :
الخلع هنا مجاز ، كأنّه شبّه جماعة المسلمين عند كونه بينهم بثوب شمله ، والمراد المفارقة ، ويحتمل أن يكون أصله « فارق » فصحّف كما في الكافي ، وورد كذلك
في أخبار العامّة أيضاً . قال الجزريّ : فيه : من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع
ربقة الإسلام من عنقه ، مفارقة الجماعة : ترك السنّة ، واتّباع البدعة ، والربقة في الأصل
عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها ، فاستعارها للإسلام ، يعني ما يشدُّ المسلم به نفسه من عرى الإسلام ، أي حدوده وأحكامه ، وأوامره ونواهيه ، ويجمع
الربقة على ربق مثل كسرة وكسر ، ويقال : للحبل الّذي فيه الربقة : ربق ، وتجمع على رباق وأرباق ، وقال : فيه : من تعلّم القرآن ثمّ نسيه لقى الله يوم القيامة
وهو أجذم . أي مقطوع اليد ، من الجذم : القطع ، ومنه حديث عليّ عليهالسلام : من نكث بيعته لقى الله و هو أجذم ليست له يد . قال القتيبيُّ : الأجذم ههنا الّذي ذهبت أعضاؤه كلّها ، وليست
اليد أولى بالعقوبة من باقي الأعضاء ، يقال : رجل أجذم ، ومجذوم إذا تهافتت أطرافه
من الجذام ، وهو الداء المعروف ، وقال الجوهريُّ : لا يقال للمجذوم : أجذم ، وقال ابن
الأنباريّ ردًّا على ابن قتيبة : لو كان العقاب لا يقع إلّا بالجارحة الّتي باشرت
المعصية