وفي الدين اجتهاداً ، وذلك الّذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه ، ومن طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس والحظوة (١) عند السلطان لم يصب منه باباً إلّا ازداد في نفسه عظمةً ، وعلى الناس استطالة ، وبالله اغتراراً ، ومن الدين جفاءاً ، فذلك الّذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ وليمسك عن الحجّة على نفسه ، والندامة والخزي يوم القيامة .
بيان : الجفاء : البعد .
٣٤ ـ ين : النضر ، عن درست ، عن ابن أبي يعفور ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : من وصف عدلاً وخالفه إلى غيره كان عليه حسرة يوم القيامة .
٣٥ ـ ين : النضر ، عن الحلبيّ ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . قال : هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ، ثمّ خالفوا إلى غيره .
٣٦ ـ ين : عبد الله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . فقال : يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلاً وعملوا بخلافه . (٢)
٣٧ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلاليّ أنّه قال : سمعت عليّاً يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : منهومان لا يشبعان : منهومٌ في الدنيا لا يشبع منها ، ومنهوم في العلم لا يشبع منه ، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ الله له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك إلّا أن يتوب ويراجع ، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ، ومن أراد به الدنيا هلك وهو حظّه ، العلماء عالمان : عالم عمل بعلمه فهو ناج ، وعالم تارك لعلمه فقد هلك ، وإنّ أهل النار ليتأذّون من نتن ريح العالم التارك لعلمه ، وإنّ أشدّ أهل النار ندامةً وحسرةً رجل دعا عبداً إلى الله فاستجاب له فأطاع الله فدخل الجنّة ، وأدخل الداعي إلى النار بتركه علمه واتّباعه هواه ، وعصيانه لله ، إنّما هما إثنان : إتّباع الهوى ، وطول
________________________
(١) بالحاء المهملة المفتوحة والمكسورة والظاء المعجمة الساكنة : المكانة والمنزلة عند الناس .
(٢) الظاهر اتحاده مع ما قبله ومع المرسلة التي تقدمت في الرقم الثالث . وتقدم تحت الرقم الرابع حديث يفسر الاية بالمعنى الاخر .