فإنّه يستطيل على أشباهه من أشكاله ، ويتواضع للأغنياء من دونهم ، فهو لحلوائهم هاضم ، ولدينه حاطم (١) ، فأعمى الله من هذا بصره ، وقطع من آثار العلماء أثره ، وأمّا صاحب الفقه والعقل (٢) تراه ذا كأبة وحزن ، قد قام اللّيل في حندسه وقد انحنى في برنسه ، يعمل ويخشى ، خائفاً وجلاً من كلّ أحد إلّا من كلّ ثقة من إخوانه ، فشدّ الله من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه .
٥ ـ ل : ابن المتوكّل ، عن السعدآباديّ ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن سعيد بن علاقة ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : طلبة « إلى آخر الخبر » وفيه : يتعلّمون العلم للمراء .
بيان : روي في الكافي بأدنى تغيير بسند مرفوع عن أبي عبد الله عليه السلام . والمراء : الجدال . والجهل : السفاهة وترك الحلم ، والختل بالفتح : الخدعة . والأندية جمع النادي وهو مجتمع القوم ومجلسهم . والسربال : القميص ، وتسربل أي لبس السربال . والتخشّع : تكلّف الخشوع وإظهاره ، وتخلّا أي خلا جدّاً . قوله : فدقّ الله من هذا أي بسبب كلّ واحدة من تلك الخصال ، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى الشخص فكلمة من تبعيضيّة . والحيزوم : ما استدار بالظهر والبطن ، أو ضلع الفؤاد ، أو ما اكتنف بالحلقوم من جانب الصدر . والخيشوم : أقصى الأنف . وهما كنايتان عن إذلاله . وفي الكافي : فدقّ الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه . والمراد بالثاني قطع حياته . قوله : فهو لحلوائهم . أي لأطعمتهم اللّذيذة . وفي بعض النسخ لحلوانهم أي لرشوتهم . والحطم : الكسر . والأثر : ما يبقى في الأرض عند المشي ، وقطع الأثر إمّا دعاء عليه بالزمانة كما ذكره الجزريّ ، أو بالموت ولعلّه أظهر . والكآبة بالتحريك والمدّ و بالتسكين : سوء الحال والإنكار من شدّة الهمّ والحزن ، والمراد حزن الآخرة . و الحندس بالكسر : الظلمة . وقوله : في حندسه بدل من اللّيل ، ويحتمل أن يكون « في » بمعنى « مع » ويكون حالاً من اللّيل . وقوله عليهالسلام : قد انحنى للركوع والسجود كائناً في برنسه . والبرنس : قلنسوة طويلة كان يلبسها النسّاك في صدر الإسلام كما ذكره
________________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر : لدينهم .
(٢) وفي نسخة : والعمل .