منها يا مبتغى العلم إنّ قلباً ليس فيه شيءٌ من العلم كالبيت الخرب لا عامر له .
بيان : لعلّ المراد بقوله : ما بين الموت والبعث أنّه مع قطع النظر عن نعيم القبر وعذابه فهو سريع الانقضاء ، وينتهي الأمر إلى العذاب أو النعيم بغير حساب ، وإلّا فعذاب القبر ونعيمه متّصلان بالدنيا ، فهذا كلام على التنزّل (١) ، أو يكون هذا بالنظر إلى الملهوّ عنهم لا جميع الخلق .
١٨ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : الخشية ميراث العلم ، والعلم شعاع المعرفة وقلب الإيمان ، ومن حرم الخشية لا يكون عالماً وإن شقّ الشعر في متشابهات العلم . قال الله عز وجلّ : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ . وآفة العلماء ثمانية أشياء : الطمع ، و البخل ، والرياء ، والعصبيّة . وحبّ المدح ، والخوض فيما لم يصلوا إلى حقيقته ، والتكلّف في تزيين الكلام بزوائد الألفاظ ، وقلّة الحياء من الله ، والافتخار ، وترك العمل بما علموا .
١٩ ـ قال عيسى بن مريم عليهالسلام : أشقى الناس من هو معروف عند الناس بعلمه مجهول بعمله .
٢٠ ـ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : لا تجلسوا عند كلّ داع مدّع يدعوكم من اليقين إلى الشكّ ، ومن الإخلاص إلى الرياء ، ومن التواضع إلى الكبر ، ومن النصيحة إلى العداوة ، ومن الزهد إلى الرغبة . وتقرّبوا إلى عالم يدعوكم من الكبر إلى التواضع ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الشكّ إلى اليقين ، ومن الرغبة إلى الزهد ، ومن العداوة إلى النصيحة . ولا يصلح لموعظة الخلق إلّا من خاف هذه الآفات بصدقه ، وأشرف على عيوب الكلام ، وعرف الصحيح من السقيم وعلل الخواطر وفتن النفس والهوى .
________________________
(١) هذا منه رحمه الله عجيب فان كون الموت نوماً والبعث كالانتباه عن النوم ليس مقصوراً بكلام أبي ذر رحمه الله ، والاخبار مستفيضة بذلك على ما سيأتي في ابواب البرزخ وسؤال القبر وغير ذلك ؛ بل المراد ان نسبة الموت والبرزخ الى البعث كنسبة النوم الى الانتباه بعده . وأعجب منه قوله ثانياً : أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو عنهم لا جميع الخلق ، فان ترك بعض الاموات ملهوا عنه مما يستحيل عقلا ونقلا ، وما يشعر به من الروايات مؤوّل او مطروح البتة . ط