ولكنّ الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الّذي جعل هواه تبعاً لأمر الله ، وقواه مبذولةً في رضى الله ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل ، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد ، وإنّ كثير ما يلحقه من سرَّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول ، فذلكم الرجل نعم الرجل ، فبه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ، فإنّه لا تردّ له دعوة ، ولا تخيب له طلبة . (١)
١١ ـ ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ ، عن الرضا عليهماالسلام أنّه قال : قال عليّ بن الحسين عليهماالسلام : إذا رأيتم الرجل . إلى آخر الخبر .
بيان : قوله عليهالسلام : فإذا لم ينزل عالم إلى عالم من باب الإفعال أو التفعيل أي إذا لم يعلّم العالم علمه ، إمّا للتقيّة أو لعدم قابليّة المتعلّمين ، فمات ذلك العالم صرف طلّاب حطام الدنيا الناسَ عن العلم لقلّة أعوان العلم ، ويمنعون الحقّ أهله لذهاب أنصار الحقّ . قوله عليهالسلام : المنتحلين مودّتنا فيه تعريض بهم إذ الانتحال إدّعاء أمر من غير الاتّصاف به حقيقةً ، ويحتمل أن يكون المراد الّذين اتّخذوا مودّتنا نحلتهم ودينهم . قوله عليهالسلام : تفلّتت منهم الأحاديث أي فات وذهب منهم حفظ الأحاديث وأعجزهم ضبط السنّة فلم يقدروا عليه . قوله عليهالسلام : فاتّخذوا عباد الله خولاً قال الجزريّ : في حديث أبي هريرة : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولاً أي خدماً وعبيداً ، يعني أنّهم يستخدمونهم ويستعبدونهم . قوله عليهالسلام : وما له دولاً أي يتداولونه بينهم . وقوله : أشباه الكلاب نعت للخلق . قوله عليهالسلام : وتمثّلوا أي تشبّهوا بهم وادّعوا منزلتهم . قوله عليهالسلام : فأنِفوا أي تكبّروا واستنكفوا . قوله عليهالسلام : سمته وهديه قال الفيروزآباديّ : السمت : الطريق وهيئة أهل الخير . وقال : الهدى الطريقة والسيرة . قوله عليهالسلام : وتماوت قال الفيروزآباديّ : المتماوت : الناسك المرائي . وقال الجزريّ : يقال : تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم . قوله عليهالسلام : وتخاضع أي أظهر الخضوع في جميع حركاته . قوله : فرويداً أي أمهل وتأنّ ولا تبادر إلى متابعته
________________________
(١) وفي نسخة : ولا تحجب له طلبة .