بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدَّق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ، فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكاياته ، ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لا تظهر لهم ، وكذلك عوام اُمّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبيّة الشديدة ، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقّاً ، والترفرف بالبرّ والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّاً . فمن قلّد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الّذين ذمّهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم . فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه . وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فأمّا من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً ولا كرامة ، وإنّما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك ، لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلّة معرفتهم ، وآخرين يتعمّدون الكذب علينا ليجرّوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنّم ، ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون على القدح فينا فيتعلّمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجّهون به عند شيعتنا ، وينتقصون بنا عند نصّابنا ثمّ يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا الّتي نحن برآءُ منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنّه من علومنا فضلّوا وأضلّوا (١) وهم أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللّعنة على الحسين بن عليّ عليهماالسلام وأصحابه ، فإنّهم يسلبونهم الأرواح والأموال ، و هؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبّهون بأنّهم لنا موالون ، ولأعدائنا معادون يدخلون الشكَّ والشبهة على ضعفاء شيعتنا ، فيضلّونهم ويمنعونهم عن قصد الحقّ المصيب ، لا جرم أنّ من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنّه لا يريد إلّا صيانة دينه وتعظيم وليّه لم يتركه في يد هذا المتلبّس الكافر ، ولكنّه يقيّض له مؤمناً يقف به على الصواب ثمّ يوفّقه الله
________________________
(١) تقسيم نافع لكثرة اختلاف الاحاديث ولما يرى من الاخبار التي ينافي المذهب .