هذين النبيين .
وتقييد عيسى بابن مريم مع كون الخطاب في الآية لمريم للتنبيه على أنه مخلوق من غير أب ، ويكون معروفاً بهذا النعت ، وأن مريم شريكته في هذه الآية كما قال تعالى : « وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ » الأنبياء ـ ٩١ .
قوله تعالى : وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، الوجاهة هي المقبولية ، وكونه عليهالسلام مقبولاً في الدنيا مما لا خفاء فيه ، وكذا في الآخرة بنص القرآن .
ومعنى المقربين ظاهر فهو مقرب عند الله داخل في صف الأولياء والمقربين من الملائكة من حيث التقريب كما ذكره تعالى بقوله : « لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ » النساء ـ ١٧٢ ، وقد عرف تعالى معنى التقريب بقوله : « إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ـ إلى أن قال ـ : وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ـ إلى أن قال : وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » الواقعة ـ ١١ ، والآية كما ترى تدل على أن هذا التقرب وهو تقرب إلى الله سبحانه حقيقته سبق الإنسان سائر أفراد نوعه في سلوك طريق العود إلى الله الذي سلوكه مكتوب على كل إنسان بل كل شيء ، قال تعالى : « يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ » الانشقاق ـ ٦ ، وقال تعالى : « أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ » الشورى ـ ٥٣ .
وأنت إذا تأملت كون المقربين صفة الأفراد من الإنسان وصفة الأفراد من الملائكة علمت أنه لا يلزم أن يكون مقاماً اكتسابياً فإن الملائكة لا يحرزون ما أحرزوه من المقام عند الله سبحانه بالكسب فلعله مقام تناله المقربون من الملائكة بهبة إلهيه والمقربون من الإنسان بالعمل .
وقوله وجيهاً في الدنيا والآخرة ، حال وكذا ما عطف عليه من قوله : ومن المقربين ، ويكلم اه ، ومن الصالحين ، ويكلمه اه ، رسولاً اه .
قوله تعالى : ويكلم الناس في المهد وكهلاً ، المهد ما يهياً للصبي من الفراش ، والكهل من الكهولة وهو ما بين الشباب والشيخوخة ، وهو ما يكون الإنسان فيه رجلاً تاماً قوياً ، ولذا قيل : الكهل من وخطه الشيب أي خالطه ، وربما قيل : إن الكهل من بلغ أربعاً وثلاثين .