وفي تفسير القمي عن الباقر (ع) قال : إن عيسى وعد أصحابه ليلة رفعه الله اليه فاجتمعوا اليه عند المساء وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج اليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه عن الماء فقال : إن الله أوحى إلي أنه رافعي اليه الساعة ، ومطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي ، فقال شاب منهم أنا يا روح الله ، قال : فأنت هو ذا فقال لهم عيسى : أما إن منكم من يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة ، فقال رجل منهم : أنا هو يا نبي الله ! فقال له عيسى : أتحس بذلك في نفسك ؟ فلتكن هو ، ثم قال لهم عيسى : أما إنكم ستفترقون بعدي ثلاث فرق : فرقتين مفتريتين على الله في النار ؛ وفرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة ثم رفع الله عيسى اليه من زاوية البيت وهم ينظرون اليه .
ثم قال : إن اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتهم فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى : إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة ، وأخذوا الشاب الذي القي عليه شبح عيسى فقتل وصلب ، وكفر الذي قال له عيسى : يكفر قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة .
اقول : وروي قريب منه عن ابن عباس وقتادة وغيرهما ، وقال بعضهم : إن الذي القي عليه شبح عيسى هو الذي دلهم ليقبضوا عليه ويقتلوه ، وقيل غير ذلك ، والقرآن ساكت عن ذلك ، وسيأتي استيفاء البحث في الكلام على قوله تعالى : « وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ الآية » النساء ـ ١٥٧ .
وفي العيون عن الرضا (ع) قال : إنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه على الناس إلا أمر عيسى وحده لأنه رفع من الأرض حياً وقبض روحه بين السماء والأرض ثم رفع الى السماء ، ورد عليه روحه ، وذلك قوله عز وجل : إذ قال الله يا عيسی إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك ، وقال الله حكاية لقول عيسى يوم القيامة وكنت شهيداً عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد .
وفي تفسير العياشي عن الصادق (ع) قال : رفع عيسى بن مريم بمدرعة صوف من غزل مريم ومن نسج مريم ومن خياطة مريم فلما انتهى الى السماء نودي يا عيسى ألق عنك زينة الدنيا .