وروح القدس » إنجيل متى ـ الإصحاح الثامن والعشرون .
وقوله : « في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ، والله كان الكلمة منذ البدء كان هذا عند الله كل به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان به كانت الحياة ، والحياة كانت نور الناس » إنجيل يوحنا ـ الإصحاح الأول .
فهذه الكلمات وما يماثلها مما وقع في الإنجيل هي التي دعت النصارى الى القول بالتثليث في الوحدة .
والمراد به حفظ « أن المسيح ابن الله » مع التحفظ على التوحيد الذي نص عليه المسيح في تعليمه كما في قوله : « إن أول كل الوصايا : اسمع يا إسرائيل الرب إلهك إله واحد هو » إنجيل مرقس ـ الإصحاح الثاني عشر .
ومحصل ما قالوا به ( وإن كان لا يرجع الى محصل معقول ) : أن الذات جوهر واحد له أقانيم ثلاث ، والمراد بالاقنوم هو الصفة التي هي نحو ظهور الشيء وبروزه وتجليه لغيره وليست الصفة غير الموصوف ، والأقانيم الثلاث هي : اقنوم الوجود واقنوم العلم ، وهو الكلمة ، واقنوم الحياة وهو الروح .
وهذه الأقانيم الثلاث هي : الأب والابن والروح القدس : والاول اقنوم الوجود ، والثاني اقنوم العلم والكلمة ، والثالث اقنوم الحياة ، فالابن وهو الكلمة واقنوم العلم نزل من عند أبيه وهو أُقنوم الوجود بمصاحبة روح القدس وهو أُقنوم الحيوة التي بها يستنير الأشياء .
ثم اختلفوا في تفسير هذا الإجمال اختلافاً عظيماً أوجب تشتتهم وانشعابهم شعباً ومذاهب كثيرة تجاوز السبعين ، وسيأتيك نبأها على قدر ما يلائم حال هذا الكتاب .
إذا تأملت ما قدمناه عرفت : أن ما يحكيه القرآن عنهم ، أو ينسبه اليهم بقوله : « وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، الآية » وقوله : « لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، الآية » ، وقوله : « لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، الآية » ، وقوله : « وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا ، الآية » كل ذلك يرجع الى معنى واحد ( وهو تثليث الوحدة ) هو المشترك بين جميع المذاهب المستحدثة في النصرانية ، وهو الذي قدمناه في معنى تثليث الوحدة .