قد أسلفنا في التمهيد من بحث أضواء على القراء بعض الآراء حول تواتر القراءات وعدمه وأشرنا إلى ما ذهب إليه المحققون من نفي تواتر القراءات ، مع أن المسلمين قد أطبقوا على تواتر القرآن نفسه. والآن نبدأ بالاستدلال على ما اخترناه من عدم تواترها بأمور :
الاول : إن استقراء حال الرواة يورث القطع بأن القراءات نقلت الينا بأخبار الآحاد. وقد اتضح ذلك فيما أسلفناه في تراجمهم فكيف تصح دعوى القطع بتواترها عن القراء. على أن بعض هؤلاء الرواة لم تثبت وثاقته.
الثاني : إن التأمل في الطرق التي أخذ عنها القراء ، يدلنا دلالة قطعية على أن هذه القراءات إنما نقلت إليهم بطريق الآحاد.
الثالث : اتصال أسانيد القراءات بالقراء أنفسهم يقطع تواتر الاسانيد حتى لو كانت رواتها في جميع الطبقات ممن يمتنع تواطؤهم على الكذب ، فإن كل قارئ إنما ينقل قراءته بنفسه.
الرابع : احتجاج كل قارئ من هؤلاء على صحة قراءته ، واحتجاج تابعيه على ذلك أيضا ، وإعراضه عن قراة غيره دليل قطعي على أن القراءات تستند إلى اجتهاد القراء وآرائهم ، لانها لو كانت متواترة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحتج في إثبات صحتها إلى الاستدلال والاحتجاج.
الخامس : ان في إنكار جملة من أعلام المحققين على جملة من القراءات دلالة