يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ٣١ : ٣٠ ».
وإذا ففي توصيف من أنعم الله عليهم بأنهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين تقييد لا طلاقه ، وتضييق لسعته ، فلا يشمل هؤلاء الذين لم يؤدوا شكر النعمة ، ويكون مدلول الآية أن العبد يطلب من الله الهداية إلى طريق سلكه فريق خاص من الذين أنعم الله عليهم وهم الذين لم يبدلوا نعمة الله كفرا ، فحازوا بإطاعتهم واستقامتهم نعمة الآخرة كما كانوا حائزين نعمة الدنيا ، فاتصلت لهم السعادة في الدنيا والعقبى ، ونظير الآية المباركة أن يقال : يجوز اقتناء كل كتاب غير كتب الضلال ، وعلى ذلك فلا موقع لقول بعضهم : إن كلمة غير متوغلة في الابهام ولا تعرف بهما تضاف إليه فلا يصح جعلها صفة للمعرفة ولا لما ذكروه جوابا عن ذلك.
وخلاصة القول : أن الحكم المذكور في القضية ـ خبرية كانت أو إنشائية ـ إذا كان عاما لجميع الافراد ، فإنه يصح تخصيصه متى أريد ذلك ـ بكلمة غير ، كما يصح تخصيصه بغيرها ، فتقول : جاءني جميع أهل البلد ، أو أكرم جميعهم غير الفاسقين.
« الضَّالِّينَ » : عطف على المغضوب عليهم : وأتي بكلمة لا تأكيدا للنفي لئلا يتوهم السامع أن المنفي هو المجموع ، وكلمة غير تدل على النفي التزاما فاجري عليها حكم غيرها من دوال النفي. تقول : جالس رجلا غير فاسق ولا سئ الخلق ، أعبد الله بغير كسل ولا ملل ، وتوهم بعض مقاربي عصرنا عدم جواز ذلك فأتعب نفسه في توجيه الآية المباركة ولم يأت بشئ ، واعترف بعجزه عن الجواب.
التفسير
وبعد أن لقن الله عبيده أن يعترفوا بين يديه بالتوحيد في العبادة والاستعانة