التعليقة (٤) ــــــــــ ص ٤٣ |
|
محادثة :
بين المؤلف وحبر يهودي
وقد جرت محادثة بيني وبين حبر من أحبار اليهود تتصل بموضوع انتهاء شريعتهم بانتهاء أمد حجتها وبرهانها. قلت له : هل التدين بشريعة موسى عليهالسلام يختص باليهود أو يعم من سواهم من الامم؟ فإن اختصت شريعته باليهود لزم أن نثبت لسائر الامم نبيا آخر ، فمن هو ذلك النبي؟ وإن كانت شريعة موسى عامة لجميع البشر ، فمن الواجب أن تقيموا شاهدا على صدق نبوته وعمومها ، وليس لكم سبيل إلى ذلك فإن معجزاته ليست مشاهدة للاجيال الآخرين ليحصل لهم العلم بها ، وتواتر الخبر بهذه المعجزات يتوقف على أن يصل عدد المخبرين في كل جيل إلى حد يمنع العقل من تواطئهم على الكذب ، وهذا شيء لا يسعكم إثباته ، وأي فرق بين إخباركم أنتم عن معاجز موسى عليهالسلام وإخبار النصارى عن معاجز عيسى عليهالسلام وإخبار كل امة اخرى بمعاجز أنبيائها الآخرين فإذا لزم على الناس تصديقكم بما تخبرون به ، فلم لا يجب على الناس تصديق المخبرين الآخرين في نقلهم عن أنبيائهم؟!.
وإذا كان الامر على هذه الصورة فلم لا تصدقون الانبياء الآخرين ، فقال : إن معاجز موسى ثابتة عند كل من اليهود ، والنصارى والمسلمين ، وكلهم يعترفون بصدقها. وأما معاجز غيره فلم يعترف بها الجميع ، فهي لذلك تحتاج إلى الاثبات فقلت له : إن معجزات موسى عليهالسلام لم تثبت عند المسلمين ولا عند النصارى إلا باخبار نبيهم بذلك لا بالتواتر فإذا لزم تصديق المخبر عن تلك المعاجز وهو يدعي النبوة لزم الايمان به والاعتقاد بنبوته ، وإلا لم تثبت تلك المعاجز أيضا ، هذا شأن الشرائع السابقة.