هذه المناجاة ، ولما كان الاولى بهذه المناجاة أن تكون متروكة لم يكن تركها سببا للطعن » (١).
تعقيب :
أقول : هذا عذره ، وأنت تجد أنه تشكيك لا ينبغي صدوره ممن له أدنى معرفة بمعاني الكلم ، هب ان في هذا المقام لم ترد فيه رواية أصلا ، أفلا يظهر من قوله تعالى : ءأشفقتم .. أنه عتاب على ترك المناجاة خوفا من الفقر أو حرصا على المال؟ وأن الله تعالى قد تاب عليهم عن هذا التقصير ، إلا أن التعصب داء عضال ، ومن الغريب أنه ذكر هذا ، وقد اعترف قبيل ذلك بأن من فوائد هذا التكليف أن يتميز به محب الاخرة من محب الدنيا ، فإن المال محك الدواعي!!.
وأما ان الفعل المذكور يكون سببا لحزن الفقراء ، ووحشة الاغنياء فيكون تركه الموجب للالفة أولى ، أما هذا الذي ذكره فلو صح لكان ترك جميع الواجبات المالية أولى من فعلها ، ولكان أمره تعالى بالفعل أمرا بما يحكم العقل بأولوية تركه ، وليس ببعيد أن يلتزم الرازي بهذا ، وبما هو أدهى منه لينكر فضيلة من فضائل علي عليهالسلام.
ومن المناسب ـ هنا ـ أن أنقل كلاما لنظام الدين النيسابوري ، قال ما نصه : قال القاضي :
« هذا ـ تصدق علي بين يدي النجوى ـ لا يدل على فضله على أكابر الصحابة ، لان الوقت لعله لم يتسع للعمل بهذا الفرض ، وقد قال فخر الدين الرازي : سلمنا أن الوقت قد وسع إلا أن الاقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير الذي لا يجد شيئا ، وينفر الرجل الغني ، ولم يكن في تركه مضرة ، لان
__________________
١ ـ تفسير الرازي ج ٨ ص ١٦٧.