سواء أكان من المشركين ، أم من الكتابيين ، أم من المسلمين الذين لا يبالون بدينهم إنما هو موكول إلى الله الذي لا يفوته ظلم الظالمين وتفريط المفرطين ، فلا ينبغي للمسلم المؤمن بالله أن يبادر إلى الانتقام منه ، فإن الله أعظم منه نقمة وأشد أخذا ، وهذا الحكم تهذيبي أخلاقي ، وهو لا ينافي الامر بالقتال للدعوة إلى الاسلام أو لامر آخر ، سواء أكان نزول هذه الآية قبل نزول آية السيف أم كان بعده.
٣٢ ـ « فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ٤٧ ، ٤ ».
فذهبت جماعة إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف ، وذهب آخرون إلى أنها ناسخة لها (١).
والحق : أنها ليست ناسخة ولا منسوخة ، وتحقيق ذلك يحتاج إلى مزيد من البسط في الكلام.
أحكام الكافر المقاتل :
المعروف بين الشيعة الامامية أن الكافر المقاتل يجب قتله ما لم يسلم ، ولا يسقط قتله بالاسر قبل أن يثخن المسلمون الكافرين ، ويعجز الكافرون عن القتال لكثرة القتل فيهم ، وإذا أسلم ارتفع موضوع القتل ، وهو الكافر ، وأما الاسر بعد الاثخان فيسقط فيه القتل ، فإن الآية قد جعلت الاثخان غاية لوجوب ضرب الرقاب.
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢٢٠.