« فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ٩ : ٥ ».
واستندوا في ذلك إلى ما رواه عليل بن أحمد ، عن محمد بن هشام عن عاصم ابن سليمان ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس (١) ولكن هذه الرواية ضعيفة جدا ، ولا أقل من أن في سندها عاصم بن سليمان وهو كذاب وضاع (٢) مع أن الرواية ضعيفة المتن ، فإن المسلمين ـ قبل الهجرة ـ كانوا ضعفاء ، ولم يكن عمر مقداما في الحروب ، ولم يعد من الشجعان المرهوبين ، فكيف يسعه أن يبطش بالمشرك؟! على أن لفظ الغفران المذكور في الآية يدل على التمكن من الانتقام. ومن المقطوع به أن ذلك لم يكن ميسورا لعمر قبل الهجرة ، فلو أراد البطش بالمشرك لبطش به المشرك لا محالة.
والحق : أن الآية المباركة محكمة غير منسوخة ، وأن معنى الآية : أن الله أمر المؤمنين بالعفو والاغضاء عما ينالهم من الايذاء والاهانة في شؤونهم الخاصة ممن لا يرجون أيام الله ، ويدل عليه قوله تعالى بعد ذلك :
« لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ ٤٥ : ١٤. مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ : ١٥ ».
فإن الظاهر منه أن جزاء المسئ الذي لا يرجو أيام الله ولا يخاف المعاد ،
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢١٨.
٢ ـ قال ابن عدي : يعد ممن يضع الحديث. وقال أيضا : عامة أحاديثه مناكير متنا واسنادا ، والضعف على رواياته بين ، وقال الفلاس : كان يضع الحديث ، ما رأيت مثله قط وقال أبو حاتم والنسائي : متروك.
وقال الدارقطني : كذاب ، وقال أيضا في العلل : كان ضعيفا آية من الآيات في ذلك. وقال ابن حبان : لا يجوز كتب حديثه إلا تعجبا وقال أبو داود الطيالسي : كذاب ، وقال الساجي : متروك يضع الحديث ، وقال الازدي : ضعيف مجهول ، لسان الميزان ج ٣ ص ٢١٨ ، ٢١٩.