فعن سعيد بن المسيب ، وأكثر العلماء أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :
« وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ٢٤ : ٣٢ ».
فدخلت الزانية في أيامى المسلمين (١).
والحق : أن الآية غير منسوخة ، فإن النسخ فيها يتوقف على أن يكون المراد من لفظ النكاح هو التزويج ، ولا دليل يثبت ذلك. على أن ذلك يستلزم القول بإباحة نكاح المسلم الزاني المشركة ، وبإباحة نكاح المشرك المسلمة الرابي ، وهذا مناف لظاهر الكتاب العزيز ، ولما ثبت من سيرة المسلمين ، وإذن فالظاهر أن المراد من النكاح في الآية هو الوطئ ، والجملة خبرية قصد بها الاهتمام بأمر الزنا. ومعنى الآية : أن الزاني لا يزني إلا بزانية ، أو بمن هي أخس منها وهي المشركة ، وأن الزانية لا تزني إلا بزان ، أو بمن هو أخس منه وهو المشرك. وأما المؤمن فهو ممتنع عن ذلك ، لان الزنا محرم ، وهو لا يرتكب ما حرم عليه.
٣١ ـ « قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ ٤٥ : ١٤ ».
فذهبت جماعة إلى أن هذه الآية الكريمة منسوخة بآية السيف ، وقالوا :
إن هذه الآية مكية ، وقد نزلت في عمر بن الخطاب حين شتمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة ، فأراد عمر أن يبطش به : فأنزل الله تعالى هذه الآية ثم نسخت بقوله تعالى :
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٩٣.