صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه يوجب قلة مناجاته من الناس ، وأنه لا يقدم على مناجاته ـ بعد هذا الحكم ـ إلا من كان حبه لمناجاة الرسول أكثر من حبه للمال.
ولا ريب أيضا في أن حسن ذلك لا يختص بوقت دون وقت. ودلت الآية الثانية على أن عامة المسلمين ـ غير علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ أعرضوا عن مناجاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إشفاقا من الصدقة ، وحرصا على المال.
سبب نسخ صدقة النجوى :
ولا ريب في أن إعراضهم عن المناجاة يفوت عليهم كثيرا من المنافع والمصالح العامة. ومن أجل حفظ تلك المنافع رفع الله عنهم وجوب الصدقة بين يدي المناجاة تقديما للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، وعلى النفع الخاص بالفقراء ، وأمرهم بإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وإطاعة الله ورسوله.
وعلى ذلك فلا مناص من الالتزام بالنسخ ، وأن الحكم المجعول بالاية الاولى قد نسخ وارتفع بالاية الثانية. ويكون هذا من القسم الاول من نسخ الكتاب ـ أعني ما كانت الاية الناسخة ناظرة إلى انتهاء أمد الحكم المذكور في الاية المنسوخة ـ ومع ذلك فنسخ الحكم المذكور في الاية الاولى ليس من جهة اختصاص المصلحة التي اقتضت جعله بزمان دون زمان إذ قد عرفت انها عامة لجميع أزمنة حياة الرسول صلىاللهعليهوآله إلا أن حرص الامة على المال ، وإشفاقها من تقديم الصدقة بين يدي المناجاة كان مانعا من استمرار الحكم المذكور ودوامه ، فنسخ الوجوب وابدل الحكم بالترخيص.
وقد يعترض :
أنه كيف جعل الله الحكم المذكور وجوب التصدق بين يدي النجوى مع عامه منذ الازل بوقوع المانع!.
والجواب :
أن في جعل هذا الحكم ثم نسخه ـ كما فعله الله سبحانه ـ تنبيها للامة ،