والتربة الحسينية ليست إلا جزء من أرض الله الواسعة التي جعلها لنبيه مسجدا وطهورا (١) ولكنها تربة ما أشرفها وأعظمها قدرا ، حيث تضمنت ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيد شباب أهل الجنة من فدى بنفسه ونفيسه ونفوس عشيرته وأصحابه في سبيل الدين وإحياء كلمة سيد المرسلين. وقد وردت من الطريقين في فضل هذه التربة عدة روايات عن رسول الله (٢) وهب أنه لم يرد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا عن أوصيائه ما يدل على فضل هذه التربة ، أفليس من الحق أن يلازم المسلم هذه التربة ، ويسجد عليها في مواقع السجود؟ فإن في السجود عليها ـ بعد كونها مما يصح السجود عليه في نفسه ـ رمزا وإشارة إلى أن ملازمها على منهاج صاحبها الذي قتل في سبيل الدين وإصلاح المسلمين.
آراء حول السجود لادم :
بقي الكلام في سجود الملائكة لادم ، وكيف جاز ذلك؟ مع أن السجود لا يجوز لغير الله ، وقد أجاب العلماء عن ذلك بوجوه :
الرأي الاول :
إن سجود الملائكة هنا بمعنى الخضوع ، وليس بمعنى السجود المعهود.
ويرده : أن ذلك خلاف الظاهر من اللفظ ، فلا يصار إليه من غير قرينة ، وأن الروايات قد دلت على أن ابن آدم إذا سجد لربه ضجر إبليس وبكى ، وهي دالة على أن سجود الملائكة الذي أمرهم الله به ، واستكبر عنه إبليس كان بهذا المعنى المعهود ، ولذلك يضجر إبليس ويبكي من إطاعة ابن آدم للامر وعصيانه هو من قبل.
__________________
١ ـ راجع سنن البيهقي باب التيمم بالصعيد الطيب ج ١ ص ٢١٢ ، ٢١٣.
٢ ـ راجع الوسائل باب استحباب السجود على تربة الحسين (ع) ١ ص ٢٣٦ ، انظر التعليقة رقم (٢٠) بشأن فضيلة تربة الحسين (ع) في قسم التعليقات.