هذا التوهم ساقط ، فإن المراد بالامر هنا الامر التكويني وقضاء الله تعالى في خلقه ، ويدل على ذلك تعلق الاتيان به ، وقوله تعالى بعد ذلك :
« إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢ : ١٠٩ ».
وحاصل معنى الاية الامر بالعفو والصفح عن الكتابيين بودهم هذا ، حتى يفعل الله ما يشاء في خلقه من عز الاسلام ، وتقوية شوكته ، ودخول كثير من الكفار في الاسلام ، وإهلاك كثير من غيرهم ، وعذابهم في الاخرة ، وغير ذلك مما يأتي الله به من قضائه وقدره.
٢ ـ « وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٢ : ١١٥ ».
فقد نسب إلى جماعة منهم ابن عباس ، وأبو العالية ، والحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، والسدى ، وزيد بن أسلم أن الاية منسوخة (١) واختلف في ناسخها فذكر ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى :
« وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ٢ : ١٥٠ ».
وذهب قتادة إلى أن الناسخ قوله تعالى :
« فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ٢ : ١٥٠ ».
كذلك ذكر القرطبي (٢) ، وذكروا في وجه النسخ أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجميع
__________________
١ ـ تفسير ابن كثير ج ١ ص ١٥٧ ، ١٥٨.
٢ ـ تفسير القرطبي ج ٢ ص ٧٤.