واختاره كثير من علماء أهل السنة ، وذهب أبو حنيفة ، وأبو يوسف إلى استحباب الامهال ثلاثة أيام. نعم ذهب علي بن أبي بكر المرغيناني إلى وجوب القتل من غير إمهال ، ونسب ابن الهمام إلى الشافعي ، وابن المنذر أنهما قالا في المرتد : إن تاب في الحال وإلا قتل (١). وعلى كل فلا إشكال في سقوط حكم القتل بالتوبة ، كما صرح به في الروايات المأثورة عن الطريقين ، وبعد ذلك فلا تكون الاية منسوخة.
١٧ ـ « فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٥ : ٤٢ ».
وقد اختلفت الاقوال في هذه الاية الكريمة ، فقيل : إنها محكمة لم تنسخ وقد أجمعت الشيعة الاثني عشرية على ذلك ، فالحاكم مخير ـ حين يتحاكم إليه الكتابيون ـ بين أن يحكم بينهم بمقتضى شريعة الاسلام ، وبين أن يعرض عنهم ويتركهم وسا التزموا به في دينهم. وقد روى الشيخ الطوسي بسند صحيح عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة ، وأهل الانجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه ، إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء ترك (٢) ، وإلى هذا القول ذهب من علماء أهل السنة الشعبي ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء ، ومالك (٣).
__________________
١ ـ فتح القدير ج ٤ ص ٣٨٦.
٢ ـ الوسائل ج ٣ باب ٢٧ من كتاب القضاء ص ٤٠٦ طبعة عين الدولة.
٣ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٣٠ ، وفي أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٤٣٤ نسبة هذا القول إلى الحسن أيضا.