عليه هيئته ، فإذا قيل أكرم زيدا يوم الجمعة كان معناه أن يوم الجمعة ظرف لتحقق الاكرام ، لا أنه ظرف لوجوبه.
٢ ـ أن الزكاة لا تجب يوم الحصاد ، بل يتعلق الحق بالمال إذا انعقد الحب ، وصدق عليه اسم الحنطة والشعير ، وعلى ذلك فذكر يوم الحصاد في الاية قرينة قطعية على أن هذا الحق هو غير الزكاة ، ومما يؤيد أن هذا الحق هو غير الزكاة : أنه تعالى نهى في هذه الاية عن الاسراف وذلك لا يناسب الزكاة المقدرة بالعشر ونصف العشر ، وإذا اتضح أن الحق الذي امرت الاية الكريمة بإيتائه هو غير الزكاة الواجبة لم تكن الزكاة ناسخة له.
وجملة القول : أن دعوى النسخ في الاية المباركة تتوقف على إثبات وجوب حق آخر في الزروع حتى ينسخ بوجوب الزكاة ، ولا يستطيع القائل بالنسخ إثبات ذلك ، لان ظهور الامر في الوجوب ، وظهوره في الدوام والاستمرار لا يمكن الاحتفاظ بهما جميعا في الاية ، وذلك للعلم بأنه لا يجب حق آخر بعد الزكاة فلا بد ـ إذن ـ من التصرف في أحد الظهورين ، إما برفع اليد عن الظهور في الوجوب ، وإبقائه على الدوام والاستمرار ، فيلتزم ـ حينئذ ـ بثبوت حق آخر استحبابي باق إلى الابد ، وإما برفع اليد عن الدوام والاستمرار ، وإبقائه على الظهور في الوجوب فيلتزم بالنسخ ، ولا مرجح للثاني على الاول ، بل الترجيح للاول والدليل على ذلك أمران :
١ ـ الروايات المستفيضة عن الائمة المعصومين (ع) ببقاء هذا الحق واستحبابه ، وقد أشرنا إلى هذه الروايات آنفا.
٢ ـ أن هذا الحق لو كان واجبا لشاع بين الصحابة والتابعين ، ولم ينحصر القول به بعكرمة ، والضحاك ، أو بواحد واثنين غيرهما.
وحاصل ما تقدم : أن الحري بالقبول هو القول بثبوت حق آخر تدبي في الثمار والزروع ، وهذا هو مذهب الشيعة الامامية ، وعليه فلا نسخ لمدلول الاية الكريمة.