زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ٨ : ١٥. وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ: ١٦ ».
فقد ذهب بعضهم إلى أن هذا الحكم منسوخ بقوله تعالى : « الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ٨ : ٦٦ ».
فإن المسلمين إذا قل عددهم عن نصف عدد الكفار جاز لهم ترك القتال ، والفرار من الزحف. ومن القائلين بهذا القول : عطاء بن أبي رياح (١).
والجواب عن ذلك :
أن تقييد إطلاق هذه الاية بآية التخفيف المذكورة مؤكد لبقاء حكمها ومعنى ذلك : أن الفرار من الزحف محرم في الشريعة الاسلامية إذا لم يكن عدد المسلمين أقل من نصف عدد الكفار ، وأما إذا كان المسلمون أقل عددا من ذلك فلا يحرم عليهم الفرار ، وهذا ليس من النسخ في شئ.
وروي عن عمرو بن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأبي نضرة ، ونافع مولى ابن عمر ، والحسن البصري ، وعكرمة ، وقتادة ، وزيد بن أبي حبيب ، والضحاك : أن الحكم مخصوص بأهل بدر ، ولا يحرم الفرار من الزحف على
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٥٤ ، وتفسير الطبري ج ٩ ص ١٣٥.