به ـ قدس سره ـ ، وأيضا فإنه قد تقدم منه أن جواز العمل بما في الكتب المعروفة والاصول المشهورة مشروط بوثاقة الراوي. وهذا ظاهر في أنه لم يكن يرى صحة جميع روايات تلك الكتب ، فضلا عن القطع بصدورها.
وأيضا إنه ـ قدس سره ـ قد ناقش في غير مورد من كتابه في صحة رواية رواها عن الكافي أو أنه لم يروها عنه ، ولكنها موجودة في الكافي ، أو فيه وفي من لا يحضره الفقيه أيضا ، ومع ذلك قد حكم بضعفها ، فلو كانت تلك الروايات صحيحة ومقطوعة الصدور من المعصومين عليهم السلام فكيف ساغ للشيخ أن يناقش فيها بضعف السند.
ومن تلك الموارد :
١ ـ ما رواه عن محمد بن يعقوب بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : (أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا أن ينادي (١). فإنه قال بعد رواية الحديث :
قال محمد بن الحسن : فما تضمن هذا الحديث من تحريم لحم الحمار الاهلي موافق للعامة ، والرجال الذين رووا هذا الخبر أكثرهم عامة ، وما يختصون بنقله لا يلتفت إليه.
وهذا تصريح منه بأن روايات الكافي ليست كلها بصحيحة ، فضلا عن كونها مقطوعة الصدور.
٢ ـ ما رواه عنه بسنده عن عمران الزعفراني ، قال : (قلت لابي عبد الله عليه السلام : إن السماء تطبق علينا ... ، وما رواه عنه بسنده عن عمران الزعفراني أيضا ، قال : (قلت لابي عبد الله عليه السلام : إنا نمكث في الشتاء (٢). فإنه قال بعد روايتهما :
« إنهما خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملا ، ولان راويهما عمران الزعفراني ، وهو مجهول ، وفي إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته ».
______________
(١) التهديب : الجزء ٩ ، باب الصيد والزكاة ، الحديث ١٧٠.
(٢) الاستبصار : الجزء ٢ ، باب ذكر جمل من الاخبار يتعلق بها أصحاب العدد ، الحديث ٢٣٠ ، ٢٣١.