غدير خمّ ، أمر بدوحاتٍ فقُمِمْن (١) ، ثمّ قال : « كأنّي دُعيتُ فأجبتُ ، وإنّي تارك فيكم الثَقَلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. فانظروا كيف تخلفوني فيهما ! فإنّهما لن يفترقا حتىٰ يردا علَيَّ الحوض ».
ثمّ قال : « إنّ الله مولاي ، وأنا وليّ كلّ مؤمن » ثمّ أخذ بيد عليّ رضياللهعنه ، فقال : « مَن كنتُ وليّه فهذا وليّه ، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ».
قال أبو الطفيل : قلتُ لزيد : سمعتَه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!
قال : نعم ، وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأُذنيه (٢).
هذا الخطاب ، علىٰ نحو مائة ألف من المسلمين شهدوا حجّة الوداع ، وعند مفترق طرقهم إلىٰ مدائنهم ، لم يعِشِ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده إلاّ نحو ثمانين يوماً (٣) ، ليكون هذا الخطاب ذاته بعد اليوم الثمانين مفترق الطرق بين المسلمين ، وحتىٰ اليوم !!
ثمانون يوماً لا تكفي لنسيانه !!
__________________
(١) أي : كُنِسْنَ.
(٢) أخرجه : النسائي ، السنن ٥ / ٨٤٦٤ ، الأثري ، تخريج خصائص علي عليهالسلام / ٧٦ وذكر له عدّة مصادر منها : مسند أحمد ١ : ١١٨ ، البزّار / ٢٥٣٨ ـ ٢٥٣٩ ، وابن أبي عاصم : ١٣٦٥ ، والحاكم ، المستدرك ٣ : ١٠٩ ، وأخرجه ابن كثير ، البداية والنهاية ٥ : ٢٢٨ وقال : قال شيخنا الذهبي : هذا حديث صحيح ، وأخرجه اليعقوبي ، التاريخ ٢ : ١١٢.
(٣) كانت خطبة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في غدير خمّ يوم ١٨ ذي الحجّة سنة ١٠ ه ، ووفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم ٢ أو ١٢ ربيع الأوّل من سنة ١١ ه ، حسب اليعقوبي والطبري والكليني ، أو ٢٨ صفر ، حسب الطبرسي.